من يتأمل ما قاله إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ صالح بن عبدالله بن حميد في خطبة الجمعة التي القاها امس بالحرم المكي الشريف يجد بين ثناياها رسالة موجه الى الشيخ الزعير وأمثاله ممن يتعاطفون أو يهونون من جرم من يعبثون بأمن البلاد واستحلال قتل النفس .. وهذه الخطبة القيمة لا تحتاج الى مقدمة أمثالي فأترككم مع اجزاء من الخطبة وأدعوكم للتأمل جيدا فيها:
فقد أوضح فضيلته أن هذه البلاد بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية هي بحمد الله ومنته مكان الإسلام ومنبع الدعوة إلى الله وأمان الخائفين وعون المستضعفين ويد حانية تداوي جراح المسلمين تنطلق منها أعمال الاحسان وأنواع البر وهي مصدر للخير بأنواعه مشيرا فضيلته إلى انه لما تبين صحة تدينها وصدق فعالها وثمار أعمالها وقوة رجالها وصلابة مواقف ولاة الأمر فيها وجه اليها الأعداء التهم يريدون تقويض قيامها والعبث بأمنها ونهب خيراتها فكالوا لها التهم جزافا يريدون منها أن تغير أو تبدل ولكن هيهات هيهات لا يقال ذلك عاطفة او مجاملة حاشى وكلا ولكن يقينا وتحقيقا ونظرا في الآثار والسنن أن من يصل الرحم ويحمل الكل ويكرم الضيف ويعين على النوائب لا يخزيه الله أبداً ومن كثرت حسناته حسنت باذن الله عاقبته وسلمه ربه في دنياه واخرته وحفظه في دينه واهله فنحن باذن الله تعالى مطمئنون لحسن العاقبة ولن يضر كيد الأعداء.
وابان فضيلته انه من أجل هذا فان متغيرات العصر ومضلات الفتن وتكالب الأعداء وتداعي الاكلة تدعو المسلم الغيور على أمته الصادق في تدينه الناصح لاخوانه أن لا يرضى لنفسه أن يكون معول هدم في يدي اعدائه من حيث يدري أو لا يدري يقع في اخوانه المسلمين يكفر ويبدع بل ويتجرأ أن يقتل ويسفك الدماء وان ما حدث هذه الايام من اعتداءات على اخواننا رجال الأمن اعتداء آثم وفعل طائش وإجرام صارخ يصب في هذه المسلك الظالم أنه اعتداء وعدوان وقتل وترويع واشاعة للفوضي دافعه استبطان أفكار مضللة وآراء شاذة ومبادئ منحرفة في خطوات زائلة ومفاهيم مغلوطة وقد جمع هؤلاء بين قتل النفوس المحرمة وقتل أنفسهم.
وافاد فضيلته أن الموقف الصحيح انكار هذا العمل الشنيع واستنكاره ورفضه وتجريمه وتحريمه وليحذر من اراد الخير لنفسه من عمى البصيرة وتزيين الشيطان فيرى الحق باطلاً والباطل حقاً وانه من المعلوم أن الخوارج كانوا أهل عبادة وفيهم مواطن صلاح واظهار لبعض الشعائر كما في الحديث تحقرون صلاتكم عند صلاتهم يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم هؤلاء الخوارج الشاذون ظهروا في خير القرون وأفضلها في عهد صحابة نبينا صلى الله عليه وسلم فوصل بهم الحال إلى أن حاربوا الصحابة والمسلمين بل قتلوا خليفتين عثمان وعلي رضي الله عنهما ألا يكفي زيفاً وضلالاً أن يجهل الخوارج صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويكفروهم ويحاربوهم لقد كان عند الخوارج شيء من حماس ونوع من اخلاص لكن لم يكن عندهم علم صحيح ولا فقه سليم زاعمين أن هذا هو طريق الاصلاح.
واوضح فضيلته أن من اعظم اسباب انحراف هؤلاء الجهل والعزلة عن المجتمع وعدم اخذ العلم من أهله وغفلة الاسرة وان في بعضهم اعجابا بالنفس كبيرا وكذلك هناك ثمة سبب في الانحراف الكبير ذلكم هو الوقوع في دائرة الغلو حيث أن الغلو في دين الله هو والله سبب الهلاك وهو ظلم للنفس وصد عن سبيل الله لما يريده من تشويه وفتنة وتنفير فالغلاة يتعصبون لاجماعتهم ويجعلونها مصدر الحق ويغلون في قادتهم ورؤسائهم ويتبرؤن من مجتمعات المسلمين ويكفرون بالمعاصي ويكفرون أهل الإسلام وحكام المسلمين ويقولون بالخروج على أئمة المسلمين ويعتزلون مجتمعات المسلمين ويجمعون بين الجهل في دين الله وظلم عباد الله فمصير الغلاة هو الهلاك مؤكدا فضيلته أن مسالك الغلو واساليب العنف من تفجير وتدمير وسطو ونهب وسفك للدماء لا تهزم القيم الكبيرة ولا تقوض المنجزات السامقة لا تحرر شعبا ولا تفرض مذهبا ولا تنصر حزبا.
وقال فضيلته أن العنف والإرهاب وسفك الدماء لا يمكن أن يكون قانونا محترما او مسلكا مقبولا فضلا أن يكون عقيدة أو دينا ولا يغير سياسة ولن يكسب تعاطفا بل يؤكد طبيعة عدوانية وروحا دموية ومن اجل هذا فان الناظر والمتأمل ليقدر هذه الوقفة الواحدة التي وقفتها الامة ضد هذا التصرف المشين والعمل الإجرامي الاثم.
واضاف فضيلته قائلا أن هذه البلاد لن تهتز باذن الله من اي نوع من انواع التهديد او الابتزاز الذي يحاول النيل من ثوابتنا الإسلامية وسياستها وسيادتها وان الامة والدولة واثقة من أن خطوها ثابت على نهجها في شجاعة وصبر وحلم وتوازن.
واشار فضيلته إلى أن كيان هذه الدولة قام واستقام على قواعد ثابتة واصول راسخة من الدين والخبرة والعلم والعمل جهود جبارة للتأسيس والبناء لا يمكن هزها فضلا عن تقويضها بمثل هذه التصرفات غير المسؤولة أن كيان الدولة يعكس نهجها في الجمع بين المحافظة على دين الله مع مسيرة التطوير والتحديث المشروعة في التعليم والاقتصاد والاجتماع والتخطيط وصنع القرار أن دولة هذا شأنها وهذه خصائصها لا يصلح لها الخلط بين الإسلام الحق والانحراف باسم الإسلام كما لا تقبل أن يضرب الإسلام او ينتقص بحجة وجود بعض الغلاة، أن منهجها وقف السلوك الشاذ ليبقى الإسلام الحق الأقوم وهذه الاحداث تبقى في دائرة شذوذها وليطمئن اهل البلاد والمقيمون على أنفسهم وأهليهم وأموالهم وحقوقهم واهل هذه البلاد وكل محب لها يتطلع إلى المزيد من الامتساك بدين الله والمزيد من الدعم للدين واهله والعلم الشرعي ورجاله والحسبة واهلها وكل عامل مخلص من اي موقع وفي اي مرفق من شان المجتمع كله.
وابان فضيلته أن المسؤولية عظمى والجميع في سفينة واحدة ومن خرقها أغرق الجميع وان التهاون والتساهل يؤدي إلى الانفلات والفوضى وان الاحساس الجاد بالمسؤولية وخطر النتائج هو الذي يحمل كل عاقل ومخلص على رفض هذه الأعمال وعدم قبول اي مسوغ لها ولزوم فضل اهلها وآثارها ونتائجها وليحذر المسلم أن يصدر منه شيء يثير الفتنة او يسوغ لهؤلاء وامثالهم ضلالهم وجهلهم وإجرامهم. وقال فضيلة الشيخ بن حميد أن هذه الاعتداءات الاثمة والافعال الطائشة والتصرفات الإجرامية لن تثني اخواننا رجال الأمن عن مواصلة استبسالهم في اداء واجبهم ومواقفهم البطولية المشهودة في اخلاص وتفاني واتقان وكفاءة لانهم مطمئنون أنهم على الحق باذن الله بأعمالهم ويقظتهم تبقى هذه البلاد عزيزة محفوظة رافعة لمنار الدين والإسلام بتوفيق الله ومنه وفضله أنهم مصدر الفخر والاعتزاز بل هم باذن الله صمام الأمان في حماية دار الإسلام بلاد الحرمين الشريفين ومهد مقدسات المسلمين.
ولفت فضيلته النظر إلى أن مسؤولية مواجهة هؤلاء الضالين ليست على رجال الأمن وحدهم ولكنها مسؤولية الجميع كل حسب موقعه أن الاحساس بالخطر على الدين والاهل والديار والفرقة والفوضى هو الأمر الذي يجب أن ينتشله الجميع ليكونوا اكثر يقظة وحذرا ونباهة ولتكون التصرفات اكثر وعيا وحكمة لما يحاك ضد هذه الامة ودينها واهلها وعملها وولاة الأمر فيها.