يس القرآن الكريم كتاب تاريخ تذكر فيه الأحداث بمكانها وزمانها لكن الله تعالى
يسوق لنا القصص للعبرة وأخذ الدروس والإفادة منها في واقعنا ومستقبلنا .
إن كل قصة في القرآن الكريم وراءها موعظة أو مواعظ فعندما يذكر قصة أصحاب الكهف مثلا ، فإنه لا يذكرها للتسلية والسمر وإنما يذكرها ليقدم بها مُثُلا حية ذات روح في قوة الإيمان والكفاح والبعد عن الخضوع للذلة والطغيان .
ويذكر قصة موسى مع العبد الصالح ليرشد بها إلى ما ينبغي أن يكون عليه الإنسان في طلب العلم من حسن التواضع واحتمال المشاق في سبيله .
ويذكر قصة قارون وأصحاب الأخدود مثلا في البغي والطغيان والتكالب على الدنيا وتسخيرهم نعم الله في إيذاء خلق الله . وهكذا يسلك القرآن إلى القلوب عن طريق التذكير بالأحداث الماضية.
ولم يقف القرآن عند أحداث الماضي الضاربة في أعماق القدم بل عرض في كثير من آياته إلى تذكير المسلمين وهم في المرحلة الثانية للدعوة الإسلامية (في المدينة المنورة ) بما كانوا عليه في مكة من الضعف والخوف وذكرهم في مرحلة تالية بأحداث قريبة يوم جمع الدين بين القلوب ووحد الكلمة فكان الأنصار والمهاجرون أمة واحدة فصاروا إخوانا كلهم يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ( وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تهتدون )
وغيرها من الآيات التي تذكر المسلمين بأحداث ماضية قريبة ...
ولقد دأب الكتاب والباحثون في الكتابة عن القصص القرآني وراحوا يستشفون منه العبر والدروس قصد الاهتداء بها في دنيا الناس . وكتاب ـ من قصص القرآن الكريم ـ لأحمد البارـ محاولة منه على نهج استخلاص العبر من كل قصة تقرأ ، فليس القرآن كتابا يسرد الحوادث الماضية فقط ...ولقد تعقب كل قصة باستخلاص أهم العبر التي يمكن للمسلم أن يسترشد بها في حياته ، ومما يلاحظ على الكتاب أنه يميل إلى الاختصار ولعله يكون مناسبا لفئة اليافعين أكثر مما هو للكبار وإن كان يعد مرجعا للقارئ يستنير بمضمونه الشيق .
اللهم اجعل القران العظيم ربيع قلوبنا وجلاء أحزاننا ونور أبصارنا وذهاب همومنا وغمومنا.
اللهم ذكرنا منه ما نسينا وعلمنا منه ما جهلنا وارزقنا تلاوته آناء الليل وأطراف النهار... وارزقنا تدبره وفهمه والعمل به ، وجملنا بأخلاقه واجعله لنا يوم العرض شفيعا والى الجنة رفيقا.
القصص التي تناولها الكتاب:
1 ـ سورة البقرة اشتهرت بالفاضحة لأنها السورة التي فضحت بني إسرائيل منذ أن كلف الله رسوله موسى عليه السلام برسالته إلى فرعون وملئه ليبلغه رسالة ربه وليكف عن تعذيب يني إسرائيل .
لكن بني إسرائيل لم يكونوا على مستوى النعم التي خصهم الله بها ونبوة موسى ( عليه السلام )
وقصة البقرة واحدة من مساوئ بني إسرائيل التي كشفتها سورة البقرة والذين شددوا وتعنتوا بكثرة السؤال عن أمور ما كان أغناهم إذا سألوا عنها وما ظلمهم الله ولكن كانوا أنفسهم يظلمون.
زمان الحادثة : عهد نبي الله موسى ـ عليه السلام ـ القرن 13 ق م
المكان : بشبه جزيرة سيناء .
من يتدبر قصة البقرة تتجلى له من خلالها معاندة بني إسرائيل وجدالهم بالباطل .
2 ـ قصة ابني ادم ـ قابيل وهابيل
شخصيتان متقابلتان متضادتان
شخصية قابيل : تمتزج بها عناصر الشر وتسيطر على تصرفاتها نزوات الإثم والطمع والتمرد على الحق .
شخصية هابيل : رجل صالح تقي لا يقبل الظلم والعدوان ولا يطيع أوامر النفس السيئة . وتشاء الأقدار أن تقع بين هاتين الشخصيتين أول جريمة على سطح الأرض .
ما يستخلص من القصة من عبر : الصراع بين الحق والباطل قديم قدم الإنسان نفسه .
الحسد عواقبه وخيمة ، الاستقامة على الحق ترفع المؤمن إلى منازل المتقين الذين يمنعهم خوف الله من تعاطي أعمال الأشرار الظالمين .
الانسياق وراء أهواء النفس ومطامعها يجر إلى الندامة في غالب الأحيان...
3 ـ البلاء العظيم
كان سيدنا إبراهيم عليه السلام محروما من نعمة الأولاد وقد بلغ الثمانين أو جاوزها ولم ينجب من زوجته سارة التي ابتلاها الله بالعقم حتى سن التسعين فأكرمها الله بإسحق عليه السلام
عاش سيدنا إبراهيم طيلة تلك المدة صابرا محتسبا شاكرا لله على أنعمه الكثيرة .
لم يغضب ولم يجزع على الحرمان بل كان دائم الصلة بربه تعالى يدعوه مخلصا ويقول : رب هب لي ذرية صالحة تعينني على تبليغ دعوتك إلى الناس وتقف إلى جانبي في تعليم خلقك حقوق الله عليهم .
وتقف إلى جانبه زوجه سارة التي تحثه على الزواج عرضت عليه الزواج من وصيفة كانت عندهم حسنة المظهر كريمة الخلق ألا وهي ـ هاجر ـ
4 ـ قصة بئر زمزم
ترتبط قصة بئر زمزم ارتباطا وثيقا بحياة أبي الأنبياء إبراهيم ـ عليه السلام ـ
5 ـ حديث ضيف إبراهيم المكرمين
6 ـ قصة أصحاب الجنة
7 ـ قصة أصحاب الأخدود
8 ـ قصة موسى والخضر
9 ـ قصة قارون
10 ـ قصة أصحاب الكهف
11 ـ أسرة مؤمنة في البلاط الفرعوني
12 ـ قصة النبي عزير
13 ـ خطيئة النبي العابد ( داوود عليه السلام )
14 ـ ملكة سبأ ( بلقيس )
15 ـ أطهر نساء العالمين مريم ـ عليها السلام ـ
16 ـ قصة أصحاب القرية
17 ـ قصة أصحاب الفيل
18 ـ الهجرة النبوية ـ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة .
ومن الدروس والعبر التي يستشفها المؤلف من ذكرى الهجرة أنها بداية الطريق والإعداد للمستقبل وبناء الدولة الإسلامية الكبرى التي تربط بين الشرق والغرب وتصل بين السماء والأرض وتسوي بين الأبيض والأسود وتؤاخي بين العربي والعجمي وتمحو فارق اللغة، والجنسية، وتوحد بين القبائل العربية المتناحرة وتجمع شملهم ، وتنطفئ نار الحرب بين القبائل فتصفو القلوب وتتيقظ الضمائر وتتفكر العقول وتتعانق الأرواح وتسمو النفوس . ومن المدينة المنورة انطلقت الدعوة الإسلامية وانتشر نورها في آفاق الدنيا وغمرها بشعاعها.
وفي خاتمة الكتاب يثبت المؤلف المصادر والمراجع التي استند إليها والتي تقارب العشرين بما فيها القرآن الكريم وكتب الحديث وأشهر التفاسير وقصص الأنبياء بالإضافة إلى مجلات إسلامية أخرى .